ذنبك أنك ضياء!


سلمان الحميدي

 قابل كل شيء بصدر رحب، تحمل ما يقال بنفس هادئة، تأثيره الكبير بين أبناء تعز لم تغير مظهره أو تجلب له رغبة استعراض الهيبة، سترى ضياء الحق بمعوزه في الشارع، وتراه بذات الهيئة على المنبر، يمشي وقد أضاء الشيب رأسه، كأنه منشغل بالمسؤولية، تفكر: قد يصطدم الآن بعامود؟ ثم تتساءل: هل حقاً  هذا ضياء الذي يتحدثون عنه؟!
 
تَحمّل الحملات الحاقدة وكتابات المُوْلَعين بالتصنيفات الحزبية، لا شك أنها كانت تصله، ولكنه واجهها بلا مبالاة..
 
تَحمَّل شكوك المُولَعيِن بالتدقيق في الألقاب، وموزعي صكوك الوطنية عن طريق الاسم، ولكنه لم يرد..
 
العبرة في العمل، والمرحلة تستدعي التوافق لمواجهة خطر الحوثي، لا الانشغال بالردود، كان لسان حاله، لهذا ظهر مع الحمادي، مع الشمساني، مع جامل، وفي كل ظهور يتوجع المتحاملين.
 
اسمه بات في ذاكرة المجتمع، أهلاً أستاذ ضياء، اتفضل أستاذ ضياء، بلباسه المدني وهيئته المتواضعة يتحدث لمن يعرف من المقاتلين ولمن لا يعرف ممن يلقاه، من 2011 بدأت تظهر المسؤولية عليه، وكلما أقبلت سنة زاد الثقل، مشاعره الإنسانية العالية تفرض عليه أن يُرضي الجميع، أن يصغي حتى للإساءات ويخلق مبررات لها: لا يرد، ويتوجع لأوجاع من يغضبون في جنابه الهادئ.
 
تحمل مشقة الملف الإنساني المتعب "الأسرى"، كان عليه أن يرضي كل عائلة لها أسير عند المليشيا، أن يتحمل غضب كل غاضب له أسير عند المليشيا، أن يوصي بالتعامل مع أسرى المليشيا وفق الأخلاق الإنسانية، وعند كل صفقة وقبلها أو بعدها، يلقى عتابا من هذا أو إساءة من ذاك، أو استفسار من أم، وعلى ضياء الإنسان أن يرضي الجميع ويحمل آلامهم.
 
أعمال النضال والمقاومة، لم تنسه مهامات أخرى يقوم بها لأبناء منطقته، سيتلمس أخبارهم، أحوالهم، ستجد بيته مفتوحا للطلاب، وفي صفحته تعازٍ لكبار السن من أهالي المنطقة..
 
كان ضياء مسؤولاً، معروفاً عند الجميع، لم تغره المكانة نحو المجد الشخصي، لم يكن يرى نفسه بأنه من الشخصيات القيادية ربما، عاش بسيطاً، زاهداً، متواضعاً، بصدر رحب وسعة بال. قال أحد المسؤولين لابنه: «أبوك يقدم عمره لأجل تعز» طلب منه أن يتدخل في أرضية كبيرة، كواجهة يحتكم الناس لها، كان المسؤول يريد المنفعة المادية لضياء، لكن ضياء زاهداً عن المنافع الاقتصادية، منشغلاً في النضال والمقاومة راضياً بالكفاف.
 
وكان رجل وفاق، يعرف أن الحوثي يستغل أبسط خلاف لضرب المقاومة، لهذا وجدناه في محافل شتى، ومن شدة حضوره لم يسلم من همزات الحقد ولمزات المناكفة، ولم يكترث لها!.
 
كان آخر ما كتب:
«الفُرقة بوابة الهزيمة، فرفضاً للهزيمة لا نجعل لها بوابة في جدار تعز، ولنمحو رسمتها من عليه، ولنعد كما بدأنا أول مقاومة للمليشيا»..
من اغتال ضياء ولماذا؟
هل كان ذنبه أنه كان قيادياً في الإصلاح؟
أم لأنه يحمل لقب "الأهدل"؟
المؤكد، أن القتلة رأوا ذنبك أنك ضياء!..
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر