غربة واغتراب


فكرية شحرة

 أصبح اليمنيون في مصر من أكبر الجاليات اليمنية المغتربة في الخارج نظرا لأن مصر هي الدولة التي فتحت أبوابها لكل العرب برحابة صدر كمواطنيها.
 
المؤسف أن اليمنيين المقيمين في مصر اعطوا انطباعا لبقية الجنسيات بفكرة أننا شعب رائع مع الجميع إلا مع أبناء وطننا.  
 
قالت لي صاحبة إحدى العمارات وأنا أبحث عن سكن: أنتم اليمنيون مش قلبكم على بعض !!
فقلت لها بحسرة: الحقيقة نحن نقاتل بعض؛ ونأكل بعض أحيانا.
 
استغلال اليمني لليمني أصبح مثار تندر الكثير؛ إذ لا يمكن أن يستقوي اليمني إلا على أبناء بلده. وكل استثماراته داخل مصر تستهدف اليمنيين دون غيرهم في انغلاق عجيب بخلاف الجنسيات الأخرى.
 
الاستثمار في العقارات والمطاعم التي روادها اليمنيون وعلى رأسهم يكون الاستغلال والابتزاز أحيانا خاصة في تأجير المنازل. بل أن العدوى انتقلت إلى المؤجر المصري الذي أصبح يرفض تأجير شققه لغير اليمنيين لأنهم يدفعون أكثر.
 
اشتهر هنا في مصر تماسك أخوتنا السودانيون مع بعضهم وتلاحمهم وكذلك السوريين واشتهر استغلال اليمني لليمني.

في مصر ستجد المقيم الذي يعلم خبايا البلد وأسعارها ومداخل الرزق فيها وستجد الزائر القادم للعلاج الذي جمع حصيلة العمر أو باع ما تحت يده كي يسافر لمداواة نفسه من مرض عضال. الصنف الثاني للأسف هو فريسة الصنف الأول.
 
لا أصور المشهد بسوداوية ولكن هذا الذي أصبح معروفا عنا بين المصريين وبقية الجنسيات. صور محاربة اليمني لليمني معروفة يتداولها المغتربون بجرعة أسى كبير.
 
لعل أبلغها مسألة رفع الإيجارات والتي يعزوها المصريون أنفسهم إلى الوافد اليمني وأنه السبب في رفع إيجارات منطقة الدقي والمنيل وفيصل بالذات إلى أسعار جنونية مضاعفة فعانى المصريين قبل اليمنيين من هذا الارتفاع المهول في الايجارات.
 
ولا يعني هذا أننا نفتقد المبادرات المشرقة التي تمثل الأصالة والفزعة اليمنية لكنها لا تجد لها أذنا صاغية أو مساندة في فرضها في الواقع كمساعدة المرضى في البحث عن أطباء وتجنيبهم الاستغلال في السكن أو المراجعات والعمليات.
 
نفتقد التلاحم والمساندة والثقة قيما بيننا مثل بقية الجاليات.
 
وكما هو معروف أن الدولة لا تهتم بمتابعة مشاكل المغتربين وأولها قيمة تجديد الإقامة التي تعد أعلى قيمة يدفعها اليمني إلا أنه للأسف يسير اليمنيين على خطى الدولة في لامبالاتهم ألا من رحم الله من الطيبين.
كما يبدو أن صورة اليمني أمام شعوب الدول الأخرى لا يقلق اليمنيون فأن يشار لليمني كمستغل لأخيه لهو إنسان لا خير فيه رغم تعامله اللائق مع الآخرين.

وكما يقال خيركم لأهله لكننا استبدلناها هنا باليمني عدو نفسه واليمني يفسد على أخيه فالقادر ماليا يفرض السعر المرتفع على الجميع ويعطي صورة عن حياة البذخ والفشخرة كما يطلق عليها أخوتنا المصريين يكون اليمنيون أبعد ما يكونوا عنها.

ولعل الذين يقيمون في مصر يعرفون جيدا معاناة المغترب وحالة الاغتراب فيما بيننا أكثر من غيرهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر