المعلمون في اليمن.. قصة معاناة لا تنته (تقرير خاص)

[ جانب من وقفة احتجاجية سابقة لمعلمي تعز ]

 
تحول المئات المعلمين في اليمن إلى عُمال أو بائعين متجولين بعد أن أجبرتهم الحرب على ترك مدراسهم وطلابهم و النزوح بحثاً عن الأمان والاستقرار و الحصول على عمل ما يخفف من معاناتهم.
 
عبدالرحمن الشرعبي (بك.لغة عربية) معلم في إحدى مدارس تعز، ذو الخط الجميل و الأسلوب السلِس في شرحه للدروس و الروح الفكاهية ودماثة تعامله غادر المدرسة و أصبح "مُقوتاً" كما يقول أحد طلابه.
 
و دفعت الحرب الدائرة في البلاد منذ ثلاثة أعوام بالكثير من المعلمين إلى النزوح وامتهان وظائف وأعمال أخرى مثل البيع، والالتحاق في جبهات القتال والزراعة وترك مهنة التدريس.
 
مدرسة البيع والشراء
 
يقول عبدالرحمن، أنه استبدل كراسته المدرسيه وكشوفات الحضور والغياب بدفاتر الديون وأصبحوا زبائنه هم طلابه في مدرسة البيع والشراء.
 
و أضاف في حديثه لـ"يمن شباب نت" : مع بداية الحرب تعرض منزلي (إجار) للقصف مما اضطريت إلى مغادرة المدينة و الالتحاق بركب النازحين إلى الريف حيث المعاناة و الألم. مشيراً إلى أنه مع انقطاع الراتب تدهورت حالته وازدادت سوءً مما جعله يعمل بائع قات كي يسد به رمق عيش أسرته.
 
وعن كيفية تقبله بمهنة جديدة غير مألوفة عليه، أوضح أنه وجد ذاته مُجبراً على ذلك" واجهت صعوبة في بداية الأمر و اكتسبت خبره من شخص مقوت تعرفت عليه، لكنني تأقلمت على ذلك".
 
فقدان وحزن
 
في منتصف العام الفائت استبشر "الشرعبي" بقدوم مولوده الرابع إلا أن فرحته تحولت إلى عزاء بعد أن فقد زوجته بسبب التدهور الصحي.
 
يقول: أسعفت زوجتي إلى أحد مستشفيات الحوبان (شرقي مدينة تعز) كي أجري لها عملية جراحية لإخراج الجنين إلا أنني فقدتها وفقدت الجنين بسبب تلك العملية وغياب الرعاية الصحية التي لا يمكن أن تحصل عليها إلا بثمن باهض في وضع كهذا.
 
"ذلك كان أصعب موقف في الحياة" يختم الشرعبي حديثه.
 
و أدت الحرب الدائرة في تعز إلى تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية وانتشار العديد من الاوبئة والأمراض فضلاً عن اتساع رقعة الفقر والمعاناة.
 
وبحسب منظمة "يونيسف"، فإنّ العملية التعليمية في اليمن باتت على المحك. ويشكل توقف دفع رواتب الآلاف من المعلمين والموظفين التربويين خطراً على التعليم والأطفال.
 
استقرار مؤقت
 
في مدينة القاعدة التابعة لمحافظة إب (وسط البلاد) استقر التربوي محمد نصر، ليبدأ حياة مستقرة بعد عام على الانتظار بصرف الرواتب و استكمال تحرير تعز، يقول: "غادرت المدينة بعد أن ضاق بي الحال بسبب انقطاع الراتب و بعد أن أصيب ولدي بشظايا قصف الحوثيين و انتظار طويل أملاً استكمال تحرير المدينة فضلاً عن اقتراب خطوط المواجهة من حي سكني".
 
يضيف لـ"يمن شباب نت": "انعكاسات الحرب علينا كمعلمين أدت إلى صعوبة الحياة خصوصاً ونحن نتكئ على الراتب فقط، ونحن لدينا أسر ومن الصعب ممارسة عملنا ونحن لا نملك قيمة المواصلات".
 
ويشير "نصر" إلى أنّه حالياً يعمل في محل تجاري مع أحد أقاربه بمدينة القاعدة من خلال ذلك العمل تمكن من "توفير إيجار السكن، ومصاريف العائلة و الشعور بنوع من الاستقرار" وهو "استقرار مؤقت" كما يصفه.
 
وعن حال التعليم و المعلمين في نطاق سيطرة الحوثيين يقول" لا تختلف معاناتهم عن بقية المعلمين يشكون من انقطاع الرواتب و تدهور أوضاعهم المعيشية". لافتاً إلى أن التعليم يمر بأسوأ مراحله " أهملوا المعلمين الأساسين واستقدموا بأخرين أغلبهم متطوعون من دون مؤهلات".
 
مطلب "نصر" لا يختلف عن مطلب "الشرعبي" وهو ضرورة صرف الحكومة الشرعية رواتب المعلمين بصورة منتظمة ومستمرة والتخفيف من معاناتهم.
 
يبلغ عدد المعلمين في المدارس الحكومية، بحسب تقرير حديث صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، 242.434 معلماً ومعلمة، 28% من إجمالي عدد المعلمين يتسلمون رواتبهم بشكل مستمر وهم الموجودون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية، فيما 14% يتسلمونها جزئياً بشكل منقطع وهم معلمو محافظتي تعز والجوف اللتين تتقاسم السيطرة عليهما الحكومة الشرعية والحوثيون.
 
يضيف التقرير أن 58% من بقية المعلمين المتواجدين في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين لم يتسلموا رواتبهم منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2016، لكنّهم حصلوا طوال أربعة أشهر على نصف راتب أو قسائم غذائية.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر