"استمرارا لإذلال الموظفين"..  كيف تعمل مدونة السلوك الحوثية على أدلجة الوظيفة العامة في اليمن؟

[ تعتمد ميلشيات الحوثي مدونة سلوك لموظفين بلا رواتب منذ ست سنوات في اليمن (أ ف ب) ]

في خطوة تهدف إلى أدلجة الوظيفة العامة أعلنت ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران في 7 من نوفمبر/ تشرين الجاري تدشين ما يسمى بـ"مدونة السلوك الوظيفي" في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتهدف إلى فرض أفكار طائفية، وتعميمها كسلوك اجتماعي تشمل كافة فئات المجتمع.
 
وتعمل ميليشيا الحوثي بشكلٍ مكثف بهدف تطبيق المدونة في المؤسسات الحكومية، إذ أكد رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي التابع للحوثيين مهدي المشاط، على أهمية إنزال مدونة السلوك وتطبيقها في الواقع العملي وسط مخاوف حوثية من اتساع دائرة الرفض الشعبي للمدونة الطائفية.
 
تتكون مدونة السلوك الوظيفي التي أقرها الحوثيون مؤخراً من نحو 36 صفحة، تُلزم كافة الموظفين في الوحدات الحكومية في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا بقواعد سلوك طائفية، متخذة من خطابات ومحاضرات زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وشقيقة، مرجعية لتلك الشروط التي وضعتها، بالإضافة إلى "الهوية الإيمانية".

 
إذلال مستمر
 
يقول حمود حسن (50 عاماً) موظف حكومي في العاصمة اليمنية صنعاء "لقد كرهنا الوظيفة بلا رواتب وظروفنا قاسية، وبالكاد نتمكن شراء الأشياء الضرورية، لكن لم نسلم من تضييق الميليشيا المتواصل آخرها المدونة التي تريد الطرد من الوظيفة".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "بعد سنوات الجحيم الذي عاشها الموظف المغلوب، كان ينقصنا مدونة سلوك تُجبرنا على الولاء والطاعة للحوثيين أو الفصل، وصلنا إلى ذروة الاذلال والاهانة التي تمارس ضدنا من قبل سلطة الحوثيين".
 


وعلى مدى ثمان سنوات مارست ميليشيا الحوثي أبشع الانتهاكات بحق الموظفين الحكوميين إذ أن البعض منهم ما يزال حتى اللحظة يقبع في سجون الميليشيا، في حين تعرض البعض منهم للطرد من وظيفته بالإضافة إلى إجبار الموظفين على حضور دورات طائفية بشكلٍ إجباري.
 
ويعيش أكثر من نصف مليون موظف حكومي في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين من دون رواتب منذ أيلول /سبتمبر 2016، إذ يعانون من ظروف قاسية على غرار مئات الآلاف من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر في مناطق سيطرة الميليشيا.
 
وخلال السنوات الماضية تسببت أزمة انقطاع رواتب الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة الحوثيين بصدمة كبيرة للكثير منهم حيث ساءت أحوالهم بعد أن كانوا يعيشون حياة كريمة، ومستقرة، خصوصاً المعلمين، والأكاديميين الذين كانت الرواتب مصدر اعتمادهم الوحيد في تصريف شؤون حياتهم.
 
 
ولاية الحوثي شرطا للبقاء في الوظيفة
 
نصت مدونة السلوك الوظيفية التي أقرها الحوثيون مؤخراً على الموظفين الحكوميين في صنعاء، ومناطق سيطرتهم، على عدداً من البنود المخالفة للدستور والقانون اليمني، إذ فرضت الميليشيا شروطا تجعل من الإيمان بالولاية شرطا للبقاء في الوظيفة.
 
وقال الناشط الحقوقي عبدالله العلفي "ان مدونة السلوك الحوثية المفروضة على الموظفين تهدف إلى إفساد المجتمع إذ أن غايتها الرئيسية هي جعل الموظف حوثياً".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، يعتقد الحوثيين أن اليمن وما فيها ثروات و مؤسسات هي غنيمة لهم، لذلك يحصرون على أدلجة المؤسسات وفق معتقداتهم وافكارهم لافتاً إلى أن معتقداتهم قائمة على الولاية".
 


من جانبه يصف الكاتب الصحفي سلمان المقرمي مدونة السلوك الحوثية بأنها:" استعباد شامل للمجتمع وليس مجرد تدخل، والمستعبد لا يحق له حتى مجرد الكلام في ظل عبوديته القسرية".
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت"، "مدونة السلوك الحوثية وثيقة تكفير شاملة للمجتمع بلغة حديثة باسم الدولة، مشيراً إلى أن المدونة تهدف إلى حوثنة مئات الآلاف من الموظفين وتحويلهم إلى موظفي استخبارات دون مقابل وذلك سلوك جمع بين أساليب الإمامة والحرس الثوري الإيراني، ومحاولة استباقية منها لقمع أي احتجاجات مقبلة".

 
البيعة لزعيم الحوثيين
 
عوضا عن أن بنود مدونة السلوك الوظيفي الحوثية تعتمد على مرجعيات مذهبية ذات صبغة أيديولوجية، برزت صورة زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في مقدمة المدونة وهو ما اعتبره الكثيرون مساعي صريحة في إجبار الموظفين على الولاية ومبايعة زعيم الميليشيا بطريقة غير مباشرة.
 
يقول العلفي: "منذ أن بدأت جماعة الحوثي والولاية هي المحور الرئيسي التي تدور عليها كل أفكار ومعتقدات الجماعة فمن خلال وضع المدونة ووضع صورة الحوثي في مقدمتها ومحاضراته ضمن المرتكزات الأساسية في المدونة باعتبارها مقدسة فإن ذلك يهدف إلى إجبار الموظفين على مبايعة عبد الملك الحوثي من خلال الوظيفة العامة".
 
وأضاف لـ يمن شباب نت: "من خلال المدونة يتضح بأن هنالك نية حوثية لإجبار الشعب على مبايعة عبد الملك الحوثي بطرق غير مباشرة والاحتيال على اليمنيين، لأن عبد الملك الحوثي لا يجرؤ بأن يقول للشعب بايعوني حاكما عليكم إلى الأبد".
 


ولفت العلفي بأنه :"في حال تم تمرير المدونة فذلك عار على أبناء الشعب اليمني ولا يمكن أن يتقبلها الشعب الذي ثار في 26سبتمبر و14 أكتوبر مهما كان الثمن".
 
وأثارت بنود مدونة السلوك الوظيفي التي فرضتها ميليشيا الحوثي جدلاً ورفضاً واسعاً في أوساط الكثير من اليمنيين إذ اعتبرت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن المدونة تهدف إلى أدلجة الوظيفة العامة، وتطييف المجتمع والدولة وفق أفكار الميليشيا.

 
هوية طائفية
 
سقبت ما تسمى بـ"مدونة السلوك الوظيفي العديد من الإجراءات الحوثية من أبرزها تطبيق ما يسمونة بـ" الهوية الإيمانية"، بدلاً عن الهوية الوطنية في المناهج المدرسية بالإضافة فرض وثيقة الشرف القبلي، وفي حال تمكن الحوثيون من فرض هذه المدونة في المؤسسات الحكومية فإن الميليشيا لن تتردد فرض معتقداتها الطائفية كمدونة سلوك اجتماعي، لمختلف فئات المجتمع.
 
ويرى مرقبوان أن مدونة السلوك ليست سوى مقدمة لما سيأتي مستقبلاً.. لا وثيقة في الشأن العام أو الخاص أو بطاقة شخصية او جواز سفر إلا بنفس الشروط (الخاصة) التي جاءت بها المدونة مع تعميم صيغة المدونة على القطاع الخاص وإلزامه بها
 
من جانبه يقول العلفي بأن: "مدونة السلوك الحوثية هي أيضا انتهاك وتدخل بحياة الإنسان اليمني عندما يجبرونك على عدم مشاهدة القنوات الفضائية الموالية للعدوان في الاخير سوف يسألونك عن نشاطاتك اليومية في مواقع التواصل الاجتماعي منوها إلى أن التدخل سوف يكون في كل صغيرة وكبيرة".
 
وأشار: "هناك شريحة كبيرة من الموظفين ترفض رفضاً قاطعا التوقيع على المدونة فهي تعد بمثابة استبيان لقياس حرية الشعب من عدمه".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر