كلما اقتربت استحقاقات التسوية السياسية للشرعية في اليمن برعاية اقليمية زادت حدة التوتر جنوباً وأصبح انفصاليو الجنوب في موقف دفاعي، موخراً. وهذا الزخم وتكرار المكرر ما هو إلا آلية دفاعية وتملص من الوفاء بالتزامات تأجلت كثيراً.
 
ينتشر الوعيد الانتقالي في كل اتجاهات وتظهر أصوات مساندة له باسماء خليجية لكنها لا تغير من الواقع الجيوسياسي ولا تعفي الانفصاليين من التزاماتهم.
 
إنما تمتص غضبهم كي يقتربون أكثر من الوفاء بالتزامات وتمكين الحكومة من عملها وترتيب البيت اليمني لايجاد حل مع المشكلة الحوثية. ما يتغافل عنه الانفصاليون هو الطابع القانوني لتعهداتهم سواء في اتفاق الرياض أو اتفاق إنشاء مجلس قيادة.
 
ما بعد التوقيع لا يدع مجالاً للتراجع للوراء. لكن غياب الشفافية وتعمد تقديم سقوف عالية غير واقعية للجماهير يعزز من هذا المأزق الوجودي. بداية المأزق كانت في إعلان إدارة ذاتية دون مشاورات إقليمية ودولية ثم التراجع.
 
إذا عاد المجلس الانتقالي إلى فكرة الإدارة الذاتية فإنه يعمّق من ورطته كشريك إقليمي. فضلاً عن عدم قدرته على الشروع في ادارة ذاتية لأسباب بنية المجلس وتصوره للحكم وإدارة ما يسيطر عليه. فإن قصف الحوثي لمنشآت حيوية في حضرموت وشبوة يجعل المجلس تحت طائلة التهديد. لم يكن الامر كذلك حين كان الشرق أقل عرضة للتهديدات.
 
كان المجلس في رحابة حركة قبل التوقيع على اي اتفاق وكان يستطيع جذب قوى جماهيرية أكثر. لكنه الآن مقيد بعدم القدرة على الوفاء بإدارة المناطق وتسيير الخدمات دون دعم خارجي كما هو حال الحكومة القائمة على الاعتماد الخارجي. ومقيد بما وقع عليه من توافق.
 
ثم، الاحداث الأخيرة في شبوة وابين وتصاعد التوتر في حضرموت بين الانتقالي وفرقاء جنوبيين ونهاية احتكاكات شبوة لا تبعث برسائل تطمين جنوبياً ولا تبني جسور الثقة بين الفرقاء في الجنوب لان الانتقالي يفضل استعمال القوة على التسويات. التمدد بالقوة يضاعف امكانية المواجهات المؤجلة.
 
ربما لو كان الانتقالي ديمقراطياً افضل حالا من غيره من الكيانات لكان اقدر على اتخاذ قرارات التوافق او القطيعة. انما ها هو يشترك في ازمة الكيانات اليمنية لانها غير ديمقراطية وليس لديها آلية شفافة في اتخاذ القرار سوى النزق والتفاعل اللحظي والتملص من المسؤوليات.
 
الخطاب النزق وارتداد التوتر نحو الحكومة وتهديد المجلس القيادي لا يخدم المجلس الا من حيث الدعاية. لكنه لا يتعامل مع التهديدات الحوثية الأخيرة بجدية ولا يقدم نفسه شريكا ذي موثوقية للعالم والاقليم. فضلا عن ان اي خطوة متهورة الان تفقد الانتقالي مكاسب سياسية حصل عليها بالدبلوماسية وليس بالقوة.

*من صفحة الكاتب

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر